Uncategorized

تقرير اليوم الثاني حول الدورة الأولى من مهرجان آمور ن آكوش الذي مرّ تحت عنوان: مراكش ملتقى الثقافات و مهد الحضارة الأمازيغية و الذي نظم من طرف جمعية انطلاقة

مداخلة رشيد بوهدوز:

عنوان المداخلة: “قراءات تاريخية في غنى الهوية المغربية من خلال الحضارة الأمازيغية”.

تحت شعار “مراكش ملتقى الثقافات ومهد الحضارة الأمازيغية”، شكل اليوم الثاني للنسخة الأولى من مهرجان “أمور ن أكوش” فرصة مميزة للاحتفاء برأس السنة الأمازيغية 2975. وقدّم الناشط السياسي والباحث رشيد بوهدوز مداخلة غنية ، تناول فيها العمق التاريخي والرمزية الحضارية للأمازيغية ودورها كمحور أساسي في تشكيل الهوية الوطنية المغربية.

الهوية الأمازيغية: العمق التاريخي للمغرب

افتتح بوهدوز مداخلته برسالة قوية ومباشرة، مفادها أن الأمازيغية ليست مجرد مكون ضمن مكونات الهوية الوطنية المغربية؛ بل هي الأساس الذي يربط المغاربة بأرضهم وتاريخهم. وأكد أن تصوير الأمازيغية كمجرد رافد من روافد الهوية هو اختزال غير منصف، موضحًا أن كل تجليات التنوع الثقافي واللغوي في المغرب (مثل الدارجة والحسانية والعربية) تصب في البحر الكبير للهوية الأمازيغية.

وأشار إلى أن الهوية الأمازيغية تتميز بارتباطها العميق بالأرض والتاريخ، مما يجعلها رمزًا للتجذر والاستمرارية. واستشهد في هذا السياق بأسطورة أنتايوس وغايا، حيث قال: “كما تمنح الأرض القوة لأنتايوس، فإن الأمازيغية تمنح المغرب قوته وهويته.”

الدارجة المغربية والأمازيغية: جذور مشتركة

أوضح بوهدوز أن البنية اللغوية للدارجة المغربية مستمدة بشكل كبير من البنية الأمازيغية. ورغم التغير الظاهري للمصطلحات، فإن نمط التفكير والتعبير في الدارجة يعكس العقلية الأمازيغية من خلال ترتيب الكلمات والبنية النحوية. وأكد أن متحدثي الدارجة هم أمازيغ بالضرورة، مما يعكس الوحدة العميقة بين المغاربة رغم تنوع لغاتهم.

كما استشهد بالأبحاث الجينية التي تثبت أن الغالبية العظمى من المغاربة ينتمون إلى أصول أمازيغية، داعيًا إلى تجاوز الخطابات التي تحاول تقسيم الهوية الوطنية إلى أمازيغ وعرب، معتبرًا أنها محاولات تفتقر إلى أسس علمية أو تاريخية.

النموذج الهوياتي المغربي: بين الوحدة في التنوع والتنوع الموحَّد

قدم بوهدوز رؤية متميزة حول الفرق بين “الوحدة في التنوع” و**”التنوع الموحَّد”**:

الوحدة في التنوع:

تشير إلى الاعتراف بالتعددية الثقافية واللغوية داخل المجتمع دون وجود أساس مشترك عميق.

يؤدي هذا النموذج إلى هشاشة الوحدة الوطنية، مما يجعلها قابلة للتفكك عند أول خلاف، كما حدث في يوغوسلافيا.

التنوع الموحَّد:

يعتمد على أساس هوياتي مشترك يمثل العمق الثقافي والتاريخي للأمة.

في الحالة المغربية، تشكل الأمازيغية هذا الأساس الجامع الذي تتفرع منه مظاهر التنوع الأخرى (كالدارجة والحسانية).

وشدد بوهدوز على أن تبني نموذج “التنوع الموحَّد” يضمن الاستقرار الوطني ويحوّل التنوع الثقافي إلى مصدر قوة واستقرار.

الأمازيغية والتنمية الوطنية

انتقل بوهدوز للحديث عن الإمكانات الاقتصادية والثقافية للمناطق الأمازيغية، موضحًا أنها تمثل كنزًا للتنمية المستدامة من خلال السياحة الثقافية، الصناعات التقليدية، والفلاحة. وأكد أن تعزيز الأمازيغية يمكن أن يسهم في تحقيق العدالة الاجتماعية ورفع التهميش عن هذه المناطق.

كما حذر من تراجع نسبة الناطقين بالأمازيغية، مشيرًا إلى أن هذا التراجع ليس طبيعيًا بل نتيجة لعقود من السياسات التهميشية التي أضعفت حضور الأمازيغية في التعليم والإعلام.

ودعا إلى ضرورة اتخاذ خطوات عاجلة لإعادة الاعتبار للأمازيغية، عبر:

إدماجها بشكل فعّال في المناهج التعليمية.

تعزيز حضورها في الإعلام والسياسات الثقافية.

تكريسها كأحد ركائز الهوية الوطنية في الخطاب السياسي.

رسالة ختامية: الأمازيغية كعمود فقري للوحدة الوطنية

اختتم رشيد بوهدوز مداخلته بالتأكيد على أن الأمازيغية ليست مجرد لغة أو تراث ثقافي؛ بل هي العمود الفقري الذي يربط المغاربة جميعًا، بغض النظر عن لغاتهم أو لهجاتهم. وحذر من أن استمرار تهميش الأمازيغية قد يهدد الاستقرار الوطني، بينما يمكن أن يؤدي تعزيزها إلى بناء وطن قوي بجذوره، موحد بتنوعه.

ودعا الجميع إلى تحويل الهوية الأمازيغية من مجرد موضوع للنقاش إلى قوة دافعة لتحقيق التنمية والوحدة الوطنية، معتبرًا أن حماية الأمازيغية ليست خيارًا؛ بل ضرورة وجودية لضمان استقرار المغرب ومستقبله.

أثر المداخلة

أثارت مداخلة رشيد بوهدوز اهتمام الحاضرين، واعتُبرت دعوة صريحة لتجاوز الخطابات الإقصائية والعودة إلى الجذور الأمازيغية كإطار جامع للهوية الوطنية. قدمت رؤيته نموذجًا يجمع بين الأصالة والمعاصرة، ويؤكد على أهمية استثمار الهوية الثقافية لتحقيق التنمية والاستقرار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى